مسلمون و لكن..ماذا حدث للمغاربة في عيد الأضحى؟

16 يونيو 2024آخر تحديث :
مسلمون و لكن..ماذا حدث للمغاربة في عيد الأضحى؟

تأتي المناسبات الدينية بالمغرب، وأهمها عيد الأضحى ورمضان، لترافقها الكثير من “المتاعب المالية” للأسر المغربية، فتتحول من شعائر دينية للتقرب من الله إلى فترات موسمية “مرهقة اقتصاديا”، ما يثير تساؤلات عن تأثير ذلك على “الرابط الروحي للمغاربة بالدين الإسلامي”.

وتعتبر شعيرة عيد الأضحى سنّة مؤكّدة، لكن في المغرب، ودول عربية أخرى، أصبحت ذات طابع اقتصادي صِرف. وخلال هذه السنة ظهر جليا تأثير تحوّل “العيد الكبير” من طابعه الديني إلى الاقتصادي على القدرة الشرائية للمواطنين.

ولا يختلف وضع عيد الأضحى عن رمضان وعيد الفطر؛ فالأسعار ترتفع في خدمات النقل الطرقي وسوق الأغنام، وغيرها من القطاعات الأخرى، كما أن اللجوء إلى القروض الاستهلاكية يتضاعف، وغير ذلك من الأمور التي تطرح تساؤلات عديدة.

غلاء في المناسبات الدينية
تكشف الأرقام الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط “عزوف حوالي 13 في المائة من الأسر المغربية، غالبيتها من الأغنياء، عن تأدية شعيرة عيد الأضحى”، وهي نسبة لا تقف أمام 87 بالمائة من المغاربة الذين يلتزمون بنحر الأكباش.

وبحسب تقرير لـ”البارومتر العربي”، صدر السنة الماضية، فإن “الشباب المغاربة عادوا بقوة للتدين في السنوات الأربع التي جاءت قبل 2023″، إذ إن “عدد الشباب من الفئة العمرية 18-29 سنة الذين يقولون إنهم غير متدينين انخفض من 24 في المائة وفق استطلاع 2018-2019 إلى 10 في المائة فقط في 2021-2022”.

وفي محاولة للجواب عن سؤال “هل يؤثر غلاء تكاليف المناسبات الدينية على تعلّق المغاربة بالإسلام الذي تظهر الأرقام الإحصائية قوته؟” قال محمد عبد الوهاب رفيقي، باحث في الفكر الإسلامي، إن “عيد الأضحى اتضح أنه خرج عن بعده الديني ليصل إلى ما هو اجتماعي واقتصادي”.

وأضاف رفيقي أن الأسر المغربية ترى أن عدم تأدية شعيرة العيد بسبب الغلاء سيسبب لها تداعيات نفسية ومجتمعية، موضحا أن “الأسر التي لا تستطيع أداء شعيرة العيد توجد تحت ضغط المجتمع وإرث التقاليد والعادات، ومن جهة أخرى غياب القدرة المالية”.

واستبعد الباحث في الفكر الإسلامي أن “يكون غياب قدرة لدى المغاربة في اقتناء أضحية العيد سببا في نفورهم عن الدين الإسلامي”، مؤكدا أن “المسألة اقتصادية صرفة، وليست دينية”.

وأكد المتحدث ذاته أن “شعيرة العيد والمناسبات الدينية الأخرى تحقق أهدافا اجتماعية إيجابية تتفوق على تلك السلبية”، موردا أن “الإشكال ليس أن للمناسبات الدينية ثقلا ماديا على الأسر، بل غياب تصور ديني ومجتمعي صحيح لها؛ فعيد الأضحى ليس واجبا إن على الفقير أو الغني”.

وتساءل رفيقي عن “تكليف الفقير نفسه عبء شراء أضحية العيد، إذ يلجأ إلى القروض من أجل ذلك، وهذا أمر مخالف تماما للدين والفقه الإسلامي”، مؤكدا أن “الخلل يوجد في تعامل الناس مع المناسبات الدينية، وليس كون الأخيرة مكلفة ماديا”.

وتطرح تساؤلات عن الإحصائيات التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط، وتقول إنها تعود لسنة 2022، وعن طبيعة أرقام العزوف لسنة 2024 عن أداء شعيرة عيد الأضحى، وهو العام الذي يعرف استمرار الجفاف، وغلاء غير مسبوق في أسعار الأغنام.

الرسول واجه الغلاء بالنهي عن الاحتكار
وعند نقل السؤال ذاته (هل يؤثر غلاء تكاليف المناسبات الدينية على نسب التدين بالمغرب؟) أجاب لحسن سكنفل، رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيرات- تمارة، بحدة قائلا: “هذا السؤال ليس في محله، لأن غلاء الأسعار ظاهرة اقتصادية عرفت منذ القدم، وغير مرتبطة بالمناسبات الدينية، بل هي مرتبطة بنظام السوق الذي يقوم على قانون العرض والطلب”.

واستدل سكنفل بهذا المعطى، موردا: “هذا أمر معروف وقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث غلا السعر في أسواق المدينة فجاء الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمسون أن يسعر لهم (يحدد أسعار السلع) فقال صلى الله عليه وسلم: ‘إن الله هو المسعر القابض الرازق، دعوا الناس يسترزقون بعضهم من بعض’”.

وعلى النهج ذاته أردف رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيرات- تمارة بأن “الرسول حث على جلب السلع إلى السوق وعدم احتكارها حتى تكون متوفرة للناس، ونهى عن الاحتكار، وهو إخفاء السلع حتى يغلو ثمنها، فقال صلى الله عليه وسلم: ‘الجالب مرزوق والمحتكر ملعون’”.

ولم يقف السكنفل عند حدود الأحاديث النبوية، بل استدل بما هو اقتصادي، إذ تابع: “هناك أمر آخر معروف في عصرنا الحاضر، وهو التضخم الذي يؤدي إلى أن تفقد العملة قيمتها الحقيقية نتيجة الركود الاقتصادي والتلاعب في أسعار العملات، وهو ما يعاني منه الاقتصاد العالمي اليوم، ما أدى إلى غلاء الأسعار عالميا نتيجة ارتفاع تكلفة إنتاجها ثم إيصالها إلى الأسواق”.

وختم المتحدث سالف الذكر جوابه بالقول: “ارتفاع الأسعار أثناء المناسبات الدينية ناتج عن قوة الطلب على السلع، وهو مرتبط بالتضخم الذي يعاني منه بلدنا اليوم، كسائر بلدان العالم. وقد أجاز الفقهاء نظام التسعير حينما كثر الاحتكار والمضاربات في الأسواق، خصوصا السلع الضرورية التي تقوم عليها حياة الأسر”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق